…وهذه الشائبة تقلب صورة التفسير بالكلية وسار على المنوال نفسه جمال الدين القاسمي في الشام فقال: "أي صاغرين مطرودين مبعدين عن الخير أذلاء. وقال: وإنما هو مثل ضربه الله لهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً. وقال: وهكذا قال القاشاني (كونوا قردة) أي مشابهين الناس في الصورة وليسوا بهم(١). إلى أن قال: "والحاصل أن من غلب عليه وصف من أوصاف الحيوانات، ورسخ فيه بحيث زال استعداده، وتمكّن في طبعه، وصار صورة ذاتية له، صار طبعه طبع ذلك الحيوان، ونفسه نفسه، فصارت صفته صفته"(٢). والقاسمي جعل المسألة خلافية ورجح رأي الباطني القاشاني، وهو رأي الشيخ رشيد نفسه.
…وأما الشيخ عبد الكريم الخطيب فقد اغتنم فرصة ذكر المسخ لتأييد نظرية دارون في النشوء والارتقاء فقال: "وأن الإنسان كما انتقل صاعداً من قرد إلى إنسان، كذلك رُدَّ نازلاً من إنسان إلى قرد. وزعم أن كلمة (خاسئين) تقوي هذا الرأي(٣). ثم قال: "ومعنى (خاسئين) مبعدين، مطرودين من عالم الإنسان، مردودين إلى عالم الحيوان، وإلى فصيلة القردة منه، التي هي أعلى مراتب الحيوان وأوّل مراتب الإنسان الحيوان"(٤).
…وأما الشيخ طنطاوي جوهري فجعل المسخ في الأعمال فقال: "فمسخوا قردة في أعمالهم وصاروا في صورة إنسانية ونفوس قردية كما هو شأن المقلدين في الباطل الغافلين الذين لا يفكرون"(٥).
(٢) ص ١٥١، المصدر السابق.
(٣) انظر ١/٩٤، التفسير القرآني للقرآن، د. عبد الكريم الخطيب.
(٤) ص ٩٥ المصدر السابق نفسه.
(٥) ١/٧٦، الجواهر في تفسير القرآن، طنطاوي جوهري.