ثم تخرج من الشرنقة فراشة.. على حين يكون الإنسان قد خرج من قبره، كما تخرج الفراشة من الشرنقة وقد تخلقت لها أجنحة تسبح بها في الفضاء"(١).
…ثم قال: "الناس إذن يكونون يوم القيامة كالفراش المبثوث، فحين يخرجون من الأجداث يطيرون في خفة كما يطير الفراش المنطلق نحو النور والنار! ولكن إلى أين يطير هذا الفراش الآدمي؟ وإلى أين يطير الفراش الحشري إذا رأى ناراً؟ أو أحسّ ضوءاً؟ إنه لا وجهة له حينئذ إلا هذه النار وهذا الضوء؟! وكذلك الناس، أو الفراش البشري، لا مورد لهم إلا هذه النار التي سُعِّرت وتأججت.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ﴾ (٢). وما مصير هذا الفراش الحشري المتدافع إلى النار؟ إنه يتقحمها، ويلقي بنفسه فيها، وكأن يداً قوية تدفعه إليها دفعاً ليكون وقوداً لها... وقليل قليل هو الذي ينجو بنفسه، ويعدل بوجهه عن لهيبها.. وكذلك شأن الفراش البشري الوارد على نار جهنم، إنه وقود هذه النار إلا قليلاً قليلاً ممن أنجاهم الله منها، وكتب لهم الفوز بجنات النعيم كما يقول سبحانه ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ (٣)(٤).
(٢) سورة مريم، الآية: ٧١.
(٣) سورة مريم، الآية: ٧٢.
(٤) م١٤، ٧/٥٥١، ٥٥٢، التفسير القرآني للقرآن، د. عبد الكريم الخطيب.