…قال: "إني أصرح بأعلى صوتي أن النشوء والارتقاء، وإن كنت لا أقول به للآن، هو أقرب المذاهب إلى العقل، وأدناها شبهاً بفعل النواميس الظاهرة، أشبهها بسنة الخالق في تدرج الخلق في عالم التكوين. لا أنكر أن الإنسان يستطيع أن يملأ الصحف استشكالات على هذا الفرض العلمي، ولكنها كلها استشكالات لها درجة معينة من القيمة العلمية، لا تدحض أصلاً واحداً من الأصول العلمية الطبيعية التي اعتمد عليها أصحاب نظرية النشوء والارتقاء"(١).
…وقال: "فيجب علينا قبل أن نثور على هذا المذهب أن ندرس جميع الوجوه العلمية التي يستند عليها القوم لنستطيع أن نؤثر على الأذهان من جهتها الحسّاسة وإلا اعتبر كلامنا من التعصب للعقيدة ومن الجمود على القديم"(٢).
…وقال: "وليس علينا من بأس أن نعترف بصحة النظريات التي قعَّد عليها الداروينيون مذهبهم، بعد درسها وإدراك مغازيها تمام الإدراك من الوجهة العلمية، وأن نشك في نتيجتها كما يشك أصحابها أنفسهم، فإنهم يعترفون علناً أن نظريتهم لا تزال فرضاً علمياً يعوزه الدليل الحسي. وإنما تمسكهم به لأنه الطريق العلمي الفذ الذي تدرك به حقائق الخليقة وأدوار التكوين الطبيعي، إن لاعتقادنا بصحة مقدمات مذهب داروين نفعاً عظيماً لأنها تقرب منّا الذين يشذون عنا زاعمين أننا جامدون"(٣).

(١) دائرة المعارف في القرن العشرين، ١/٧٣١، وجدي، محمد فريد، مادة أنس.
(٢) المصدر السابق نفسه.
(٣) ١/٧٣١-٧٣٢، دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي.


الصفحة التالية
Icon