وأما ضرره العقلي فإن العقل يحمل صاحبه أن يفعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي، ويوجب له أن يدبر حياته ومعاشه ; ولهذا كان حسن التدبير في المعاش من أبلغ ما يدل على عقل صاحبه، فمن تعدى الطور النافع إلى طور الإسراف الضار فلا ريب أن ذلك لنقص عقله، فإنه يستدل على نقص العقل بسوء التدبير.
وأما ضرره البدني فإن من أسرف بكثرة المأكولات والمشروبات انضر بدنه واعتراه أمراض خطرة، وكثير من الأمراض إنما تحدث بسبب الإسراف في الغذاء، ثم إنه ينضرُّ أيضا من وجه آخر، فإن من عوَّد بدنه شيئا اعتاده، فإذا عوَّده كثرة الأكل أو أكل الأطعمة المتنوعة فربما تعذرت في بعض الأحوال لفقر أو غيره، وحينئذ يفقد البدن ما كان معتادا له فتنحرف صحته.
وأما ضرره المالي فظاهر فإن الإسراف يستدعي كثرة النفقات، ولهذا قال تعالى :
﴿ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء : ٢٩].


الصفحة التالية
Icon