تُسْتَحَبُّ. نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَيَتَأَيَّدُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ -مولى التَّوْءَمة -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ".
تَفَرَّدَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حَجَّاجٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابن أبي ذئب، عن صالح -مولى التوءمة -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. (١)
وَقَدْ رُوي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَان، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "مَا مِنْ قَوْمٍ يَقْعُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ وَلَا يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً، وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِمَا يَرَوْنَ [مِنَ] (٢) الثَّوَابِ" (٣).
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْآيَةِ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ حَالٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَعْدَمَا حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمْلَةِ. قَالَ: وَقَدْ حَكَى الطَّبَرَانِيُّ (٤) أَنَّ مَحْمَلَ الْآيَةِ عَلَى النَّدْبِ، وَادَّعَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَرَّةِ، وَالْوَاجِبُ مِنْهُ مَرَّةٌ كَالشَّهَادَةِ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْدُوبٌ مُرَغَّب فِيهِ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ، وَشِعَارِ أَهْلِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ، فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَمِنْهَا وَاجِبٌ، وَمِنْهَا مُسْتَحَبٌّ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ.
فَمِنْهُ: بَعْدَ النِّدَاءِ لِلصَّلَاةِ؛ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنَا كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ (٥) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَليَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ (٦) الشَّفَاعَةُ".
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ (٧)
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أبي

(١) سنن الترمذي برقم (٣٣٨٠) والمسند (٢/٤٥٣).
(٢) زيادة من ت، ف، أ، وفضل الصلاة.
(٣) فضل الصلاة على النبي ﷺ برقم (٥٥).
(٤) في ت: "الطبري".
(٥) في ت: "عن".
(٦) في ت: "له".
(٧) المسند (٢/١٦٨) وصحيح مسلم برقم (٣٨٤) وسنن أبي داود برقم (٥٢٣) وسنن الترمذي برقم (٣٦١٤) وسنن النسائي (٢/٢٥).


الصفحة التالية
Icon