الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} الآية [٢٥/٦٨].
وأخذ بعض أهل العلم من هذه الآية منع العزل. لأنه وأد خفي، وحديث جابر: كنا نعزل والوحي ينزل، يدل على جوازه، لكن قال جماعة من أهل العلم: إنه لا يجوز عن الحرة إلا بإذنها، ويجوز عن الأمة بغير إذنها، والإملاق: الفقر، وقال بعض أهل بعض العلم: الإملاق الجوع.
وحكاه النقاش عن مؤرج، وقيل: الإملاق الإنفاق، يقال: أملق ماله بمعنى أنفقه، وذكر أن علياً قال لامرأته: أملقي ما شئت من مالك.
وحكي هذا القول عن منذر بن سعيد، ذكره القرطبي، وغيره، والصحيح الأول.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ الآية، قد يتوهم غير العارف من مفهوم مخالفة هذه الآية الكريمة، أعني مفهوم الغاية في قوله: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ [٦/١٥٢]، إنه إذا بلغ أشده، فلا مانع من قربان ماله بغير التي هي أحسن، وليس ذلك مراداً بالآية، بل الغاية ببلوغ الأشد يراد بها أنه إن بلغ أشده يدفع إليه ماله، إن أونس منه الرشد، كما بينه تعالى بقوله: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ الآية [٤/٦].
والتحقيق أن المراد بالأشد في هذه الآية البلوغ، بدليل قوله تعلى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً﴾ الآية.
والبلوغ يكون بعلامات كثيرة، كالإنبات، واحتلام الغلام، وحيض الجارية، وحملها، وأكثر أهل العلم على أن سن البلوغ خمسة عشرة سنة؛ ومن العلماء من قال: إذا بلغت قامته خمسة أشبار، فقد بلغ، ويروى هذا القول عن علي، وبه أخذ الفرزدق في قوله يرثي يزيد بن المهلب: [الكامل]
ما زال مذ عقدت يداه إزاره | فسما فأدرك خمسة الأشبار |
يدني خوافق من خوافق تلتقي | في ظل معتبط الغبار مثار |