ولكن كلام السدي أقوى وأظهر والله أعلم. اهـ.
وإطلاق ﴿صَدَفَ﴾ بمعنى أعرض كثير في كلام العرب، ومنه قول أبي سفيان بن الحارث:

عجبت لحكم الله فينا وقد بدا له صدفنا عن كل حق منزل
وروي أن ابن عباس أنشد بيت أبي سفيان هذا لهذا المعنى، ومنه أيضاً قول ابن الرقاع:
إذا ذكرن حديثاً قلن أحسنه وهن عن كل سوء يتقي صدف
أي معرضات.
قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ الآية، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة إتيان الله جل وعلا وملائكته يوم القيامة، وذكر ذلك في موضع آخر، وزاد فيه أن الملائكة يجيئون صفوفاً وهو قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً﴾ [٨٩/٢٢]، وذكره في موضع آخر، وزاد فيه أنه جل وعلا يأتي في ظلل من الغمام وهو قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ﴾ الآية [٢/٢١٠]، ومثل هذا من صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه يمر كما جاء ويؤمن بها، ويعتقد أنه حق، وأنه لا يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، فسبحان من أحاط بكل شيء علماً: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾ [٢/١١٠].
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾ الآية.
قال بعض العلماء: المراد بالنسك هنا النحر، لأن الكفار كانوا يتقربون لأصنامهم بعبادة من أعظم العبادات: هي النحر، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول إن صلاته ونحره كلاهما خالص لله تعالى، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [١٠٨/٢]، وقال بعض العلماء: النسك جميع العبادات، ويدخل فيه النحر، وقال بعضهم: المراد بقوله: ﴿وَانْحَرْ﴾ وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر في الصلاة، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon