وحديث جابر في خصوص الطافي فهو مخصص لعموم أدلة الإباحة.
فالدليل على كراهة أكل السمك الطافي لا يخلو من بعض قوة، والله تعالى أعلم. والمراد بالسمك الطافي هو الذي يموت في البحر فيطفو على وجه الماء وكل ما علا على وجه الماء ولم يرسب فيه تسميه العرب طافيا. ومن ذلك قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: [الوافر]
وأن العرش فوق الماء طاف | وفوق العرش رب العالمين ١ |
وقال البخاري في "صحيحه"، باب قول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ﴾ [٥/٩٦]. قال عمر: صيده ما اصطيد وطعامه ما رمى به.
وقال أبو بكر: الطافي حلال، وقال ابن عباس طعامه ميتته إلا ما قذرت منها، والجري لا تأكله اليهود ونحن نأكله.
وقال شريح صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: كل شيء في البحر مذبوحه، وقال عطاء: أما الطير فأرى أن نذبحه.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: صيد الأنهار وقلات السيل أصيد بحر هو ؟ قال: نعم، ثم تلا: ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً﴾ [٣٥/١٢]. وركب الحسن على سرج من جلود كلاب الماء. وقال الشعبي: لو أن أهلي أكلوا الضفادع لأطعمتهم. ولم ير الحسن بالسلحفاة بأسا.
وقال ابن عباس: كل من صيد البحر نصراني أو يهودي أو مجوسي. وقال أبو الدرداء في المري ذبح الخمر النينان والشمس. انتهى من البخاري بلفظه. ومعلوم أن البخاري رحمه الله لا يعلق بصيغة الجزم إلا ما كان صحيحا ثابتا عنده.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، في الكلام على هذه المعلقات التي ذكرها البخاري ما نصه: قوله: قال عمر، هو ابن الخطاب، "صيده" ما اصطيد، و "طعامه" ما رمى به. وصله المصنف في "التاريخ"، وعبد بن حميد من طريق
ـــــــ
١ فوق العرش، بلا كيف، على ما يليق به تعالى.