والتحقيق أن لامه أصلها ياء، وقيل أصلها واو وإنما أبدلت ياء في الماضي لتطرفها بعد الكسر كما في قوي ورضي وشجي، التي هي واويات اللام في الأصل؛ لأنها من الرضوان والقوة والشجو.
وقال بعضهم الأصل فيه دمي، بفتح الميم، وقيل: بإسكانها، والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ﴾، لم يبين هنا سبب اضطراره، ولم يبين المراد بالباغي والعادي، ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن سبب الاضطرار المذكور المخمصة، وهي الجوع وهو قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ [٥/٣]، وأشار إلى أن المراد بالباغي والعادي المتجانف للإثم، وذلك في قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ﴾. والمتجانف: المائل، ومنه قول الأعشى: [الطويل]

تجانف عن حجر اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكا
فيفهم من الآية أن الباغي والعادي كلاهما متجانف لإثم، وهذا غاية ما يفهم منها.
وقال بعض العلماء: الإثم الذي تجانف إليه الباغي هو الخروج على إمام المسلمين، وكثيرا ما يطلق اسم البغي على مخالفة الإمام، والإثم الذي تجانف إليه العادي هو إخافة الطريق وقطعها على المسلمين، ويلحق بذلك كل سفر في معصية الله. اهـ.
وقال بعض العلماء: إثم الباغي والعادي أكلهما المحرم مع وجود غيره، وعليه فهو كالتأكيد لقوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ [٢/١٧٣]، وعلى القول الأول لا يجوز لقاطع الطريق والخارج على الإمام، الأكل من الميتة وإن خافا الهلاك، ما لم يتوبا، وعلى الثاني يجوز لهما لقاطع الطريق والخارج على الإمام، الأكل من الميتة وإن خافا الهلاك، ما لم يتوبا وعلى الثاني يجوز لهما أكل الميتة إن خافا الهلاك، وإن لم يتوبا.
ونقل القرطبي عن قتادة، والحسن، والربيع، وابن زيد، وعكرمة، أن المعنى ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾، أي: في أكله فوق حاجته، ﴿وَلا عَادٍ﴾، بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحة، ويأكلها.
ونقل أيضا عن السدي أن المعنى ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾، في أكلها شهوة وتلذذا، {وَلا


الصفحة التالية
Icon