القرآن والسنة ولم يرد فيه نسخ، فادعاء دفعه بلا دليل واضح السقوط كما ترى، هذا هو خلاصة البحث في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [٢/١٩٦].
وأما قوله: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، فجمهور العلماء على أن المراد به شاة فما فوقها، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال طاوس، وعطاء، ومجاهد، وأبو العالية، ومحمد بن علي بن الحسين، وعبد الرحمن بن القاسم، والشعبي، والنخعي، والحسن، وقتادة، والضحاك، ومقاتل بن حيان، وغيرهم، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره.
وقال جماعة من أهل العلم: إن المراد بما استيسر من الهدي إنما هو الإبل والبقر دون الغنم، وهذا القول مروي عن عائشة، وابن عمر، وسالم، والقاسم، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وغيرهم.
قال ابن كثير: والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة، وإنما ذبحوا الإبل والبقر.
ففي الصحيحين عن جابر قال: "أمرنا رسول الله ﷺ أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة".
قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ: لا يخفى أن التحقيق في هذه المسألة: أن المراد بما استيسر من الهدي ما تيسر مما يسمى هديا، وذلك شامل لجميع الأنعام: من إبل، وبقر، وغنم، فإن تيسرت شاة أجزأت، والناقة والبقرة أولى بالإجزاء.
وقد ثبت في "الصحيحين"، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أهدى ﷺ مرة غنما".
فروع تتعلق بهذه المسألة
الفرع الأول: إذا كان مع المحصر هدي لزمه نحره إجماعا، وجمهور العلماء على أنه ينحره في المحل الذي حصر فيه، حلا كان أو حرما، وقد نحر ﷺ هو وأصحابه بالحديبية، وجزم الشافعي وغيره بأن الموضع الذي نحروا فيه من الحديبية من الحل لا من الحرم، واستدل لذلك بدليل واضح من القرآن وهو قوله تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [٤٨/٢٥]، فهو نص