بالحسب، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [٣/١٧٣]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ [٩/١٢٩]، إلى غير ذلك من الآيات.
فإن قيل: هذا الوجه الذي دل عليه القرآن، فيه أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، ضعفه غير واحد من علماء العربية، قال ابن مالك في "الخلاصة": "الرجز"

وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازماً قد جعلا
فالجواب من أربعة أوجه:
الأول: أن جماعة من علماء العربية صححوا جواز العطف من غير إعادة الخافض، قال ابن مالك في "الخلاصة": "الرجز"
وليس عندي لازماً إذ قد أتى في النظم والنثر الصحيح مثبتا
وقد قدمنا في"سورة النساء"، في الكلام على قوله: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ [١٢٧]، شواهده العربية، ودلالة قراءة حمزة عليه، في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [٤/١].
الوجه الثاني: أنه من العطف على المحل؛ لأن الكاف مخفوض في محل نصب، إذ معنى ﴿حَسْبُكَ﴾: يكفيك، قال في "الخلاصة": "الرجز"
وجر ما يتبع ما جر ومن راعى في الاتباع المحل فحسن
الوجه الثالث: نصبه بكونه مفعولاً معه، على تقدير ضعف وجه العطف، كما قال في "الخلاصة": "الرجز"
والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق والنصب مختار لدى ضعف النسق
الوجه الرابع: أن يكون ﴿وَمَنْ﴾، مبتدأ خبره محذوف، أي: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فحسبهم الله أيضاً، فيكون من عطف الجملة، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾،
لم يعين تعالى في هذه الآية الكريمة المراد بأولي الأرحام، واختلف العلماء في هذه الآية،


الصفحة التالية
Icon