ضيف فرحوا واستبشروا به ليفعلوا به الفاحشة المذكورة، فمن ذلك قوله هنا: ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [١١/٧٨، ٧٩].
وقوله في "الحجر": ﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [١٥/٦٧-٧٢].
وقوله: ﴿يُهْرَعُونَ﴾ [١١/٧٨] أي: يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك، ومنه قول مهلهل:

فجاؤوا يهرعون وهم أسارى تقودهم على رغم الأنوف
وقوله: ﴿وَلا تُخْزُونِ﴾ أي: لا تهينون ولا تذلون بانتهاك حرمة ضيفي، والاسم منه: الخزي، بكسر الخاء وإسكان الزاي، ومنه قول حسان في عتبة بن أبي وقاص:
فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق
وقال بعض العلماء قوله: ﴿وَلا تُخْزُونِ﴾ [١٥/٦٩] من الخزاية، وهي الخجل والاستحياء من الفضيحة؛ أي لا تفعلوا بضيفي ما يكون سبباً في خجلي واستحيائي، ومنه قول ذي الرمة يصف ثوراً وحشياً تطارده الكلاب في جانب حبل من الرمل:
حتى إذا دومت في الأرض راجعة كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب
خزاية أدركته بعد جولته من جانب الحبل مخلوطاً بها الغضب
يعني أن هذا الثور لو شاء نجا من الكلاب بالهرب، ولكنه استحيا وأنف من الهرب فكر راجعاً إليها. ومنه قوله الآخر:
أجاعلة أم الثوير خزاية على فراري أن لقيت بني عبس
والفعل منه: خزى يخزي، كرضى يرضي، ومنه قول الشاعر:
من البيض لا تخزي إذا الريح ألصقت بها مرطها أو زايل الحلي جيدها
وقول الآخر:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
وإنِّي لا أخزى إذا قيل مملق سخى وأخزى أن يقال بخيل