الثلاثية. وجمع اللغتين قول نابغة ذبيان:
أسرت عليه من الجوزاء سارية | تزجى الشمال عليها جامد البرد |
فإنه قال: أسرت، رباعية في أشهر روايتي البيت. وقوله: سارية، اسم فاعل سرى الثلاثية، وجمعهما أيضاً قول الآخر:
حتى النضيرة ربة الخدر | أسرت إليك ولم تكن تسري |
بفتح تاء "تسري" واللغتان كثيرتان جداً في كلام العرب. ومصدر الرباعية الإسراء على القياس، ومصدر الثلاثية السرى، بالضم، على وزن فعل، بضم ففتح، على غير قياس، ومنه قول عبد الله بن رواحة:
عند الصباح يحمد القوم السرى | وتنجلي عنهم غيابات الكرى |
قوله تعالى:
﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن موعد إهلاك قوم لوط وقت الصبح من تلك الليلة، وكذلك قال في "الحجر" في قوله:
﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ﴾ [١٥/٦٦]، وزاد في "الحجر" أن صبيحة العذاب وقعت عليهم وقت الإشراق وهو وقت طلوع الشمس، بقوله:
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ [١٥/٧٣].
قوله تعالى:
﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ الآية، اختلف العلماء في المراد بحجارة السجيل اختلافاً كثيراً، والظاهر أنها حجارة من طين في غاية الشدة والقوة، والدليل على أن المراد بالسجيل الطين، قوله تعالى في "الذاريات" في القصة بعينها:
﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ [٥١/٣٣، ٣٤]، وخير ما يفسر به القرآن القرآن. والدليل على قوتها وشدتها أن الله ما عذبهم بها في حالة غضبه عليهم إلا لأن النكال بها بالغ شديد. وأيضاً فإن بعض العلماء قالوا: السجيل والسجين أختان، كلاهما الشديد من الحجارة والضرب. ومنه قول ابن مقبل.
ورجلة يضربون البيض ضاحية | ضرباً تواصى به الأبطال سجينا |
وعلى هذا، فمعنى
﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾، أي: من طين شديد القوة، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى:
﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾، في هذه الآية الكريمة ثلاثة أوجه من التفسير للعلماء اثنان منها كلاهما يشهد له القرآن، وواحد يظهر أنه ضعيف. أما الذي