اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} الآية [١٤/٣٣]، ومنافع الشمس والقمر اللذين سخرهما الله لأهل الأرض لا يحصيها إلا الله كما هو معروف، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [١٠/٥]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [١٧/١٢]، إلى غير ذلك من الآيات المبينة لذلك التسخير لأهل الأرض وكذلك سخر لأهل الأرض النجوم ليهتدوا بها في ظلمات البر والبحر، كما قال تعالى: ﴿وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ﴾ الآية [١٦/١٢]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾الآية[٦/٩٧]، وقال: ﴿وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [١٦/١٦]، إلى غير ذلك من الآيات. فهذا هو تسخير ما في السماء لأهل الأرض وخير ما يفسر به القرآن، ومما ويوضح ما ذكرنا أن المخاطبين الأولين بقوله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ الآية [٤٥/١٣]، وهم الصحابة رضي الله عنهم، لم يسخر لهم شيء مما في السموات، إلا هذا التسخير الذي ذكرنا الذي بينه القرآن العظيم في آيات كثيرة، فلو كان يراد به التسخير المزعوم عن طريق الصواريخ والأقمار الصناعية لدخل فيه المخاطبون الأولون كما هو ظاهر، وكذلك قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ [١٢/١٠٥]، فإن معنى مرورهم على ما في السموات من الآيات نظرهم إليها كما بينه تعالى في آيات كثيرة، كقوله: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [٧/١٨٥]، وقوله: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [١٠/١٠١]، وقوله: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [٤١/٥٣]، إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم، وفقني الله وإياك، أن التلاعب بكتاب الله جل وعلا وتفسيره بغير معناه لمحاولة توفيقه مع آراء كفرة الإفرنج، ليس فيه شيء البتة من مصلحة الدنيا ولا الآخرة، وإنما فيه فساد الدارين ونحن إذ نمنع التلاعب بكتاب الله وتفسيره بغير معناه، نحض جميع المسلمين على بذل الوسع في تعليم ما ينفعهم من هذه العلوم الدنيوية مع تمسكهم بدينهم، كما قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [٨/٦٠]، كما سترى بسطه إن شاء الله في "سورة بني إسرائيل".
فإن قيل: هذه الآيات التي استدللتم بها على حفظ السماء من الشياطين واردة في


الصفحة التالية
Icon