والإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع، وفي لفظ: نهى عن بيع النخل حتى تزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، رواه الإمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أنس رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثمار حتى تزهى، قيل: وما زهوتها؟ قال: تحمار وتصفار، ومن ذلك أيضاً ما رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها"، ومن ذلك ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه عن أنس رضي الله عنه، أن النَّبي ﷺ نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد.
فإطلاقات هذه النصوص ونحوها تدل على منع بيع الثمرة قبل بدو صلاحها في حالة الإطلاق وعدم الاشتراط، كما تقدم.
وقرأ هذه الآية الكريمة جماهير القراء ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ﴾ بصفة الجمع وقرأها حمزة ﴿وَأَرْسَلْنَا الرّيحَ﴾ بالإفراد والألف على قراءة حمزة للجنس ولذلك صح الجمع في قوله: ﴿لَوَاقِحَ﴾، قال أبو حيان في البحر المحيط: ومن قرأ بإفراد الريح فعلى تأويل الجنس، كما قالوا: أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض اهـ. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾، بين تعالى في هذه الآية الكريمة عظيم منته بإنزال الماء من السماء وجعله إياه عذباً صالحاً للسقيا، وبين ذلك أيضاً في مواضع أُخر كقوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾ [٥٦/٦٨-٧٠]، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [١٦/١٠، ١١]، وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً﴾ [٢٥/٤٨-٤٩]، إلى غير ذلك من الآيات.
والتحقيق: أن أسقى وسقى لغتان معناهما واحد كأسرى وسرى، والدليل على ذلك