الله تعالى في سورة "الصافات" دلالة الآيات القرآنية على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق على وجه قاطع للنزاع، والغلام يطلق في لغة العرب على العبد وعلى الصغير الذي لم يبلغ وعلى الرجل البالغ ومن إطلاقه على البالغ قول علي رضي الله عنه، يوم النهروان:
أنا الغلام القرشي المؤتمن... أبو حسين فاعلمن والحسن
وقول صفوان بن المعطل السلمي لحسان رضي الله عنهما:
تلق ذباب السيف عني فإنني... غلام إذا هوجيت لست بشاعر
وقول ليلى الأخيلية تمدح الحجاج بن يوسف:
إذا نزل الحجاج أرضا مريضة... تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها... غلام إذا هز القناة سقاها
وربما قالوا للأنثى غلامة، ومنه قول أوس بن غلفاء الهجيمي يصف فرساً:
ومركضة صريحي أبوها... يهان لها الغلامة والغلام
قوله تعالى: ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾، بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن نبيه إبراهيم قال أنه وقت البشرى بإسحاق مسه الكبر، وصرح في "هود" بأن امرأته أيضاً قالت إنه شيخ كبير في قوله عنها: ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً﴾ [١١/٧٢]، كما صرح عنها هي أنها وقت البشرى عجوز كبيرة السن، وذلك كقوله في" هود": ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾ الآية [١١/٧٢]، وقوله في "الذاريات": موضع آخر: ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ [٥١/٢٩]، وبين في موضع آخر عن نبيه إبراهيم أنه وقت هبة الله له ولده إسماعيل أنه كبير السن أيضاً وذلك قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [١٤/٣٩].
قوله تعالى: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾، الظاهر أن استفهام نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام للملائكة بقوله: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ استفهام تعجب من كمال قدرة الله تعالى، ويدل لذلك أنه تعالى ذكر أن ما وقع له وقع نظيره لامرأته حيث قالت: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾، وقد بين تعالى أن ذلك الاستفهام لعجبها من ذلك الأمر الخارق للعادة في قوله: ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ الآية [١١/٧٣]، ويدل له أيضاً وقوع مثله من نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأنه لما قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً


الصفحة التالية
Icon