بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً} [٤/١٥٠-١٥١]، وبين أنه لا تصح التفرقة بينهم بقوله: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [٢/١٣٦و ٣/٨٤]، وقوله: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [٢/٢٨٥]، ووعد الأجر على عدم التفرقة بينهم في قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ الآية [٤/١٥٢]، وقد بينا هذه المسألة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.
تنبيه
اعلم أنه ﷺ مر بالحجر المذكور في هذه الآية في طريقه في غزوة تبوك، فقد أخرج البخاري في صحيحه في غزوة تبوك عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لمَّا مرَّ النَّبي ﷺ بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الَّذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلاَّ أن تكونوا باكين". ثمَّ قنَّع رأسه وأسرع السَّير حتَّى أجاز الوادي، وهذا لفظ البخاري. وأخرج البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ لمَّا نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم ألا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنَّا منها واستقينا، فأمرهم أَن يطرحوا ذلك العجين ويهرقو ذلك الماء.
ثم قال البخاري: ويروى عن سبرة بن معبد وأبي الشموس: أن النَّبي ﷺ أمر بإلقاء الطَّعام، ثم قال: وقال أبو ذر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: "من اعتجن بمائه".
ثم ساق بسنده عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه أخبره: أَنَّ النَّاس نزلوا مع رسول الله ﷺ أرض ثمود الحجر واستقوا من بئرها، واعتجنوا به فأمرهم رسول الله ﷺ أن يهرقوا ما استقوا من بيارهم وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستسقوا من البئر التي كان تردها النَّاقة.
ثم قال: تابعه أسامة عن نافع، ثم ساق بسنده عن سالم بن عبد الله عن أبيه: أَنَّ النَّبي ﷺ لمَّا مر بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا، إلا أن تكونوا باكين أَن يصيبكم ما أصابهم"، ثمَّ تقنَّع بردائه وهو على الرَّحل.
ثم ساق أيضاً بسنده عن سالم أن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابكم"، هذا كله لفظ البخاري في صحيحه. وقال ابن حجر في الفتح: أما حديث سبرة بن معبد فوصله أحمد