فمن إطلاقه على الأنثى هذه الآية، وقوله تعالى عن زكريا أيضاً ﴿وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِى عَاقِرٌ﴾ [٣/٤٠]. ومن إطلاقه على الذكر أول عامر بن الطفيل:
لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا... جباناً فما عذري لدي كل محضر
وقد أشار تعالى إلى أنه أزال عنها العقم. وأصلحها. فجعلها ولوداً بعد أن كانت عاقراً في قوله: عز وجل: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [٢١/٩٠]، فهذا الإصلاح هو كونها صارت تلد بعد أن كانت عقيماً. وقول من قال: إن إصلاحها المذكور هو جعلها حسنة الخلق بعد أن كانت سيئة الخلق لا ينافي ما ذكر لجواز أن يجمع له بين الأمرين فيها، مع أن كون الإصلاح هو جعلها ولوداً بعد العقم هو ظاهر السياق، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير، ومجاهد وغيرهم. والقول الثاني يروي عن عطاء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة عن زكريا ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً﴾ [١٩/٦]، أي مرضياً عندك وعند خلقك في أخلاقه وأقواله وأفعاله ودينه، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ﴾، أي: من عندك. وقوله: جل وعلا في هذه الآية الكريمة ﴿يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ﴾ [١٩/٦]، قرأه أبو عمرو والكسائي بإسكان الثاء المثلثة من الفعلين، أعني ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾، وهما على هذه القراءة مجزومان لأجل جواب الطلب الذي هو «هب لي» والمقرر عند علماء العربية. أن المضارع المجزوم في جواب الطلب مجزوم بشرط مقدر يدل عليه فعل الطلب، وتقديره في هذه الآية التي نحن بصددها، إن تهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب. وقرأ الباقون ﴿يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ﴾، برفع الفعلين على أن الجملة نعت لقوله: ﴿ولياً﴾ أي وليا وارثاً لي، ووارثاً من آل يعقوب، كما قال في الخلاصة:
ونعتوا بجملة منكرا... فأعطيت ما أعطيته خبرا
وقراءة الجمهور برفع الفعلين أوضح معنى. وقرأ ابن كثير بفتح الياء من قوله: ﴿مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي﴾ والباقون بإسكانها. وقرأ زكريا بلا همزة بعد الألف حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. والباقون قرؤوا «زكريا» بهمزة بعد الألف، وبه تعلم أن المد في قوله: "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى" منفصل على قراءة حمزة والكسائي وحفص، ومتصل