ما للعب خلقنا، فأنزل الله ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾. وقال الزمخشري في الكشاف ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ﴾ أي: الحكمة، ومنه قول نابغة ذبيان:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت | إلى حمام سراع وارد الثمد |
العلم بالأحكام. أو اللب وهو العقل، أو آداب الخدمة، أو الفراسة الصادقة. أقوال:
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي، هو أن الحكم يعلم النافع والعمل به، وذلك بفهم الكتاب السماوي فهماً صحيحاً، والعمل به حقاً، فإن هذا يشمل جميع أقوال العلماء في الآية الكريمة. وأصل معنى ﴿الحكم﴾ المنع، والعلم النافع. والعمل به يمنع الأقوال والأفعال من الخلل والفساد والنقصان.
وقوله تعالى: ﴿صَبِيّاً﴾، أي: لم يبلغ، وهو الظاهر. وقيل: صبياً أي شاباً لم يبلغ سن الكهولة ـ ذكره أبو حيان وغيره، والظاهر الأول. قيل ابن ثلاث سنين، وقيل ابن سبع، وقيل ابن سنتين. والله أعلم.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿وَحَنَانًا﴾، معطوف على ﴿الْحُكْمُ﴾، أي: وآتيناه حناناً من لدنا. والحنان: هو ما جبل عليه من الرحمة، والعطف والشفقة. وإطلاق الحنان على الرحمة والعطف مشهور في كلام العرب، ومنه قولهم: حنانك وحنانيك يا رب، بمعنى رحمتك. ومن هذا المعنى قول امرىء القيس:
أبنت الحارث الملك بن عمرو | له ملك العراق إلى عمان |
ويمنحها بنو شمجي بن جرم | معيزهم حنانك ذا الحنان |
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا | حنانيك بعض الشر أهون من بعض |
وأحدث عهد من أمينة نظرة | على جانب العلياء إذ أنا واقف |
فقالت حنان ما أتى بك ها هنا | أذو نسب أم أنت بالحي عارف |