ألم تعلمي يا عمرك الله أنني | كريم على حين الكرام قليل |
تذكر ما تذكر من سليمى | على حين التواصل غير دان |
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة | بمغن فتيلاً عن سواد بن قارب |
قال مقيده عفا الله عنه: وجه هذا الاستنباط أن الحال قيد لعاملها، وصف لصاحبها. وعليه فبعثه مقيد بكونه حياً، وتلك حياة الشهداء، وليس بظاهر كل الظهور. والله تعالى أعلم.
هذا هو حاصل ما ذكره الله تعالى في هذه السورة الكريمة من صفات يحيى، وذكر بعض صفاته في غير هذا الموضع، كقوله: في «آل عمران»: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [٣/٣٩]، ومعنى كونه: ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ﴾ أنه مصدق بعيسى، وإنما قيل لعيسى كلمة لأن الله أوجده بكلمة هي قوله: «كن» فكان، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ الآية[٤/١٧١]، وقال: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ...﴾ الآية[٣/٤٥]، وهذا هو قول جمهور المفسرين في معنى قوله تعالى: ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾، وقيل: المراد بكلمة الكتاب، أي مصدقاً بكتاب الله. والكلمة في القرآن تطلق على الكلام المفيد، كقوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى﴾ [٧/١٣٧]، وقوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾ [٦/١١٥]،