معطوف على قوله: ﴿وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً﴾. وقال أبو حيان "في البحر": وفيه بعد للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجملة التي هي ﴿أوصاني﴾ ومتعلقها. والأولى أنه منصوب بفعل مضمر. أي وجعلني برأ بوالدتي. ولما قال بوالدتي ولم يقل بوالدي، علم أنه أمر من قبل الله؛ كما ذكره القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقد قدمنا معنى «الجبار والشقي». وقال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ﴿شقياً﴾ أي خائباً من الخير.[وقال] ابن عباس: وقيل عاصياً لربه. وقيل: لم يجعلني تاركاً لأمره فأشقى كما شقي إبليس ـ ا هـ كلام القرطبي.
تنبيه
احتج مالك رحمه الله بهذه الآية على القدرية. قال أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: قال مالك بن أنس رحمه الله تعالى في هذه الآية: ما أشدها على أهل القدر. أخبر عيسى عليه السلام بما قضى من أمره وبما هو كائن إلى أن يموت ا هـ.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾.
اعلم أن هذا الحرف فيه قراءتان سبعيتان: قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي: ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ [١٩/٣٤]، بضم اللام. وقرأه ابن عامر وعاصم ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ بالنصب. والإشارة في قوله: ﴿ذلك﴾ راجعة إلى المولود المذكور في الآيات المذكورة قبل هذا. وقوله: ﴿ذلك﴾ مبتدأ، ﴿وعيسى﴾، خبره، و ﴿ابن مريم﴾ نعت لـ ﴿عيسى﴾، وقيل بدل منه. وقيل: خبر بعد خبر.
وقوله: ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ على قراءة النصب مصدر مؤكد لمضمون الجملة. وإلى نحوه اشار ابن مالك بقوله: في الخلاصة:
والثاني كابني أنت حقاً صرفاً
وقيل: منصوب على المدح. وأما على قراءة الجمهور بالرفع: «فقول الحق» خبر مبتدأ محذوف، أي هو أي نسبته إلى أمه فقط قول الحق. قاله أبو حيان. وقال الزمخشري: وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف.
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له -: اعلم أن لفظة ﴿الحق﴾ في قوله: هنا ﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾، فيها للعلماء وجهان:


الصفحة التالية
Icon