قد قدمنا أن هذه الآية من البراهين الدالة على البعث، وأوضحنا كل البراهين الدالة على البعث بالآيات القرآنية بكثرة في سورة "البقرة"، وسورة "النحل"، وأحلنا على مواضع ذلك مراراً.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ﴾.
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة، ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾، قد قدمنا الكلام عليه في سورة هود، في الكلام على قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ﴾، قد قدمنا إيضاح معناه بالآيات القرآنية، في سورة "ص" في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة "الفرقان"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً﴾.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.
قال بعض العلماء: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ : اعبدوني أثبكم من عبادتكم، ويدل لهذا قوله بعده: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.
وقال بعض العلماء: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أي: اسألوني أعطكم.
ولا منافاة بين القولين، لأن دعاء الله من أنواع عبادته.
وقد أوضحنا هذا المعنى، وبينا وجه الجمع بين قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾، مع قوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا


الصفحة التالية