قد قدمنا أن لفظة ﴿جَعَلَ﴾، تأتي في اللغة العربية لأربعة معان، ثلاثة منها في القرآن.
الأول : إتيان جعل بمعنى اعتقد، ومنه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً﴾ أي: اعتقدوهم إناثاً، ومعلوم أن هذه تنصب المبتدأ والخبر.
الثاني :﴿جَعَلَ﴾ بمعنى: صيَّر، كقوله: ﴿حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ﴾، وهذه تنصب المبتدأ والخبر أيضاً.
الثالث :﴿جَعَلَ﴾ بمعنى خلق، كقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} أي: خلق السماوات والأرض وخلق الظلمات والنور.
والظاهر، أن منه قوله هنا: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ﴾ أي: خلق لكم الأنعام، ويؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ﴾، وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً﴾.
والرابع : وهو الذي ليس في القرآن، جعل بمعنى شرع، ومنه قوله:
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني | ثوبي فانهض نهض الشارب السَّكِرِ |
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ﴾. وقوله تعالى: