وعلى ما ذكرناه أولا فالضمير راجع إلى من ضل من عقبه، لأن الضالين منهم داخلون في لفظ العقب.
فرجوع ضميرهم إلى العقب لا إشكال فيه وهذا القول هو ظاهر السياق، والعلم عند الله تعالى.
مسألة:
ظاهر هذه الآيات الكريمة التي ذكرنا يدل على اتحاد معنى العقب والذرية والبنين، لأنه قال في بعضها عن إبراهيم: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥].
وقال عنه في بعضها: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: ٤٠]، وفي بعضها: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [إبراهيم: ٣٧]، وفي بعضها: ﴿قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ وفي بعضها: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [العنكبوت: ٢٧]، وفي بعضها: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾.
فالظاهر المتبادر من الآيات أن المراد بالبنين والذرية والعقب شيء واحد، لأن جميعها في شيء واحد. وبذلك تعلم أن ظاهر القرآن، يدل على أن من وقف وقفا أو تصدق صدقة على بنيه أو ذريته أو عقبه، أن حكم ذلك واحد.
وقد دل بعض الآيات القرآنية على أن أولاد البنات يدخلون في اسم الذرية واسم البنين.
وإذا دل القرآن على دخول ولد البنت، في اسم الذرية والبنين والفرض أن العقب بمعناهما، دل ذلك على دخول أولاد البنات في العقب أيضا، فمن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم الذرية قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ﴾ إلى قوله: ﴿وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ﴾ [الأنعام: ٨٤-٨٥]، وهذا نص قرآني صريح في دخول ولد البنت في اسم الذرية، لأن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ولد بنت إذ لا أب له.
ومن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم البنين قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ [النساء: ٢٣]، لأن لفظ البنات في الألفاظ الثلاثة، شامل لبنات البنات وبنات بناتهن وهذا لا نزاع فيه بين


الصفحة التالية
Icon