المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل، مبينا أن ذلك هو معنى قوله تعالى: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الأنفال: ٤١]، كما تقدم إيضاحه في سورة الأنفال في الكلام على آية الخمس هذه.
وأما العشيرة فقد ثبت في الصحيح عنه ﷺ من حديث ابن عباس أنه لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، صعد النبي ﷺ على الصفا فجعل ينادي: "يا بني فهر يا بني عدي" لبطون قريش حتى اجتمعوا الحديث. وفيه تحديد العشيرة الأقربين بجميع بني فهر بن مالك وهو الجد العاشر له صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية أبي هريرة في الصحيح، أنه لما نزلت الآية المذكورة قال "يا معشر قريش" أو كلمة نحوها الحديث، وقريش هم أولاد فهر بن مالك، وقيل: أولاد النضر بن كنانة، والأول هو الأظهر لحديث ابن عباس المذكور وعليه الأكثر.
تنبيه:
فإن قيل: ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين والشاعر يقول في خلاف ذلك:
بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا | بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
فالجواب أن الواحد بالشخص له جهتان، فمعنى لفظ الابن له جهة خاصة هي معنى كونه خلق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به، وهذا المعنى منفي عن والد أمه، فلا يقال له ابن بهذا الاعتبار وثابت لأبيه الذي خلق من مائه، وله جهة أخرى هي كونه خارجا في الجملة من هذا الشخص، سواء كان بالمباشرة، أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل، فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت، وهذا المعنى هو الذي عناه ﷺ في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن ابني هذا سيد" الحديث وهو المراد في الآيات القرآنية كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ [النساء: ٢٣]، وكقوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ