فإن ابن أخت القوم مصغي إناؤه... إذا لم يزاحم خاله بأب جلد
فقوله مصغي إناؤه من الإصغاء وهو الإمالة، لأن الإناء إذا أميل ولم يترك معتدلا لم يتسع إلا للقليل، فهو كناية عن نقص نصيبه فيهم وقلته.
وعلى الجهتين المذكورتين يتنزل اختلاف الصحابة في ميراث الجد والإخوة.
فمن رأى منهم أنه أب يحجب الإخوة، فقد راعى في الجد إحدى الجهتين.
ومن رأى منهم أنه ليس بأب وأنه لا يحجب الإخوة فقد لاحظ الجهة الأخرى.
ولم نطل الكلام هنا في جميع الألفاظ المذكورة التي هي أحد عشر لفظا خوف الإطالة. ولأننا لم نجد نصوصا من الوحي تحدد شيئا منها تحديدا دقيقا.
ومعلوم أن لفظ القوم منها قد دل القرآن على أنه يختص بالذكور دون الإناث.
وإن الإناث قد يدخلن فيه بحكم التبع إذا اقترن بما يدل على ذلك.
لأن الله تعالى قال: ﴿لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾ [الحجرات: ١١]، فعطفه النساء على القوم يدل على عدم دخولهن في لفظ القوم.
ونظيره من كلام العرب قول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري... قوم آل حصن أم نساء
وأما دخول النساء في القوم بحكم التبع عند الاقتران بما يدل على ذلك، فقد بينه قوله تعالى في ملكة سبأ: ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [النمل: ٤٣].
وأما الموالي فقد دل القرآن واللغة على أن المولى يطلق على كل من له سبب يوالي ويوالى به، ولذا أطلق على الله أنه مولى المؤمنين لأنهم يوالونه بالطاعة ويواليهم بالجزاء.
ونفي ولاية الطاعة عن الكافرين في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: ١١].


الصفحة التالية
Icon