فالطغمة القليلة الحاكمة، ومن ينظم إليها، هم المتمتعون بجميع خيرات البلاد، وغيرهم من عامة الشعب، محرومون من كل خير. مظلومون في كل شيء، حتى ما كسبوه بأيديهم، يعلفون ببطاقة، كما تعلف البغال والحمير.
وقد علم الله جل وعلا في سابق علمه أنه يأتي ناس يغتصبون أموال الناس بدعوى أن هذا فقير وهذا غني وقد نهي جل وعلا عن اتباع الهوى بتلك الدعوى، وأوعد من لم ينته عن ذلك، بقوله تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ [النساء: ١٣٥].
وقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ [النساء: ١٢٨]، فيه وعيد شديد لمن فعل ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
قوله: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾، في الموضعين، قرأه ورش وأبو عمرو وحفص، عن عاصم، بضم الباء على الأصل.
وقرأه قالون، عن نافع وابن كثير، وابن عامر، وحمزة والكسائي، وشعبة عن عاصم "لِبِيُوتِهِمْ" بكسر الباء لمجانسة الكسرة للياء.
وقوله: ﴿سُقُفاً﴾ : قرأه نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم، "سُقُفاً" بضمتين، على الجمع.
وقرأه ابن كثير وأبو عمرو: "سَقْفاً" بفتح السين وإسكان القاف على الإفراد المراد به الجمع.
وقوله: ﴿وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ﴾ قرأه نافع وابن كثير، وابن عامر، في رواية ابن ذكوان، وإحدى الروايتين عن هشام وأبي عمرو والكسائي: ﴿لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ بتخفيف الميم من: ﴿لَمَا﴾.
وقرأه عاصم، وحمزة وهشام، عن ابن عامر، وفي إحدى الروايتين: ﴿لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ بتشديد الميم من ﴿لَمَّا﴾.