وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا﴾، قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ [الزخرف: ٢١].
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ، وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الجاثية في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أوليَاءَ﴾ [الجاثية: ١٠]، وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً﴾ [مريم: ٨١].
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الأحقاف: ٧].
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا قرئت عليهم آيات هذا القرآن العظيم الذي هو الحق ادعوا أنها سحر مبين واضح.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من افترائهم على القرآن أنه سحر وعلى النبي ﷺ أنه ساحر جاء موضحا في آيات كثيرة، كقوله تعالى في سبأ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [سبأ: ٤٣]، وقوله تعالى في الزخرف: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف: ٣٠]، وقوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢-٣]، وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [هود: ٧]، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾.
﴿أَمْ﴾ هذه هي المنقطعة وقد قدمنا أنها تأتي بمعنى الإضراب.
وتأتي بمعنى همزة الإنكار.
وتأتي بمعناهما معا وهو الظاهر في هذه الآية الكريمة.
فـ: ﴿أَمْ﴾ فيها على ذلك تفيد معنى الإضراب والإنكار معا، فهو بمعنى دع هذا، واسمع قولهم المستنكر لظهور كذبهم فيه، أن محمدا افترى هذا القرآن، وقد كذبهم الله في


الصفحة التالية
Icon