شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤] إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه لغوي:
اعلم: أن مادة الشكر تتعدى إلى النعمة تارة، وإلى المنعم أخرى، فإن عديت إلى النعمة تعدت إليها بنفسها دون حرف الجر كقوله تعالى: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ [النمل: ١٩]، وإن عديت إلى المنعم تعدت إليه بحرف الجر الذي هو اللام كقولك: نحمد الله ونشكر له، ولم تأت في القرآن معداة إلا باللام، كقوله: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢]، وقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤]، وقوله: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٢]، وقوله: ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت: ١٧]، إلى غير ذلك من الآيات.
وهذه هي اللغة الفصحى، وتعديتها للمفعول بدون اللام لغة لا لحن، ومن ذلك قول أبي نخيلة:
شكرتك إن الشكر حبل من اتقى | وما كل من أوليته نعمة يقضى |
خليلي عوجا اليوم حتى تسلما | على عذبة الأنياب طيبة النشر |
فإنكما إن عجتما لي ساعة | شكرتكما حتى أغيب في قبري |
قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿الَّتِي تُورُونَ﴾ أي توقدونها من قولهم: أورى النار إذا قدحها وأوقدها، والمعنى: أفرأيتم النار التي توقدونها من الشجر أأنتم أنشأتم شجرتها التي توقد منها، أي أوجدتموها من العدم؟
والجواب الذي لا جواب غيره: أنت يا ربنا هو الذي أنشأت شجرتها، ونحن