ومن ناحية أخرى يقال إن قوله تعالى ﴿ما أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، والكفر أعظم المصائب.
﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ والإيمان بالله أعظم النعم فيقول قائل إن كان كل ذلك بإذن الله فما ذنب الكافر وما فضل المؤمن فجاء قوله تعالى ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ بيانا لما يلزم العبد وهو طاعة الرسل فيما جاءوا به ولا يملك سوى ذلك.
وفي قوله تعالى ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ من نسبة الهداية إلى القلب بيان لقضية الهداية العامة والخاصة كما قالوا في قوله تعالى عنه ﷺ ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [٤٢/٥٢] مع قوله تعالى ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [٢٨/٥٦].
فقالوا الهداية الأولى دلالة إرشاد كقوله تعالى ﴿وَأَما ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [٤١/١٧].
والثانية هداية توفيق وإرشاد ويشهد لذلك شبه الهداية من الله لقلب من يؤمن بالله وقوله تعالى ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ بتكرار فعل الطاعة يدل على طاعة الرسول تلزم مستقلة.
وقد جاءت السنة بتشريعات مستقلة وبتخصيص القرآن ونحو ذلك كما تقدم عند قوله تعالى ﴿وَما آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [٥٩/٧].
ومما يشهد لهذا قوله تعالى ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [٤/٥٩]، فكرر الفعل بالنسبة لله وللرسول ولم يكرره بالنسبة لأولي الأمر لأن طاعتهم لا تكون استقلالا بل تبعا لطاعة الله وطاعة رسوله كما في الحديث "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام على ذلك عند قوله تعالى {الْمالُ


الصفحة التالية
Icon