فإذا أتاك سائل فلا تنهره ولو في رد الجواب بالتي هي أحسن.
ومعلوم أن الجواب بلطف، قد يقوم مقام العطاء في إجابة السائل، وكان ﷺ إذا لم يجد ما يعطيه للسائل يعده وعدا حسنا لحين ميسره أخذا من قوله تعالى ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً﴾ [١٧/٢٨].
وقد أورد الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيتين عند هذه الآية في هذا المعنى هما قول الشاعر:
إن لم تكن ورق يوما أجود بها | للسائلين فإني لين العود |
لا يعدم السائلون الخير من خلقي | إما نوالي وإما حسن مردود |
وقيل السائل المستفسر عن مسائل الدين والمسترشد، وقالوا هذا مقابل قوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى﴾، أي لا تنهر مستغنيا ولا مسترشدا، كقوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [٨٠/١-٢].
وقد كان ﷺ رحيما شفيقا على الجاهل حتى يتعلم، كما في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد حين صاح به الصحابة فقال لهم "لا تزرموه" إلى أن قال الأعرابي: اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا أبدا" وكالآخر الذي جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول: هلكت وأهلكت واقعت أهلي في رمضان حتى كان من أمره أن أعطاه فرقا من طعامه يكفر به عن ذنبه فقال أعلى أفقر منا يا رسول الله فقال: "قم فأطعمه أهلك"
وقد كان ﷺ يقف للمرأة في الطريق يصغي إليها حتى يضيق من معه وهو يصبر لها ولم ينهرها بل يجيبها على أسئلتها.
وقد حث ﷺ على إكرام طالب العلم وبين أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم وأن الحيتان في البحر لتستغفر له رضي بما يصنع.
وقوله ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ : النعمة كل ما أنعم الله به على العبد، وهي كل ما ينعم به العبد من مال وعافية وهداية ونصرة من النعومة اللين، فقيل: المراد بها