عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [٦٠/١]، ومنصوص على عدم موالاتهم في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [٥/٥١].
ومع ذلك لما أخرجهم ﷺ من المدينة وحاصرهم بعدها في خيبر وفتحها الله عليه وأصبحوا في قبضة يده فلم يكونوا بعد ذلك في موقف المقاتلين ولا مظاهرين على إخراج المسلمين من ديارهم عاملهم الرسول ﷺ بالقسط فعاملهم على أرض خيبر ونخيلها وأبقاهم فيها على جزء من الثمرة كأجراء يعملون لحسابه وحساب المسلمين فلم يتخذهم عبيدا يسخرهم فيها وبقيت معاملتهم بالقسط كما جاء في قصة ابن رواحة رضي الله عنه لما ذهب يخرص عليهم وعرضوا عليه ما عرضوا من الرشوة ليخفف عنهم فقال لهم كلمته المشهورة:
والله لأنتم أبغض الخلق إلي وجئتكم من عند أحب الخلق إلي ولن يحملني بغضي لكم ولا حبي له أن أحيف عليكم فإما أن تأخذوا بنصف ما قدرت وإما أن تكفوا أيديكم ولكم نصف ما قدرت فقالوا له بهذا قامت السماوات والأرض أي بالعدالة والقسط وقد بقوا على ذلك نهاية زمنه ﷺ وخلافة الصديق وصدرا من خلافة عمر حتى أجلاهم عنها.
ومثل ذلك المؤلفة قلوبهم أعطاهم ﷺ بعد الفتح وأعطاهم الصديق حتى منعهم عمر رضي الله عنه.
وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة لأهميتها ومسيس الحاجة إليها اليوم.
وفي الختام إن أشد ما يظهر وضوحا في هذا المقام ولم يدع أحد فيه نسخا قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصَاحِبْهُما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ [٣١/١٥].
فهذه حسن معاملة وبر وإحسان لمن جاهد المسلم على أن يشرك بالله ولم يقاتل المسلمين فكان حق الأبوة مقدما ولو مع الكفر والمجاهدة على الشرك
وكذلك أيضا في نهاية هذه السورة نفسها قوله تعالى ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [٦٠/١٠].