دون ما هم عليه، لا بد أن يعملوها دون أعمال المؤمنين، فيدخلون بها النار، لما سبق لهم من الشقوة. ويحتمل ثالثا: أنه ظلم الخلق مع الكفر بالخالق؛ ذكره الماوردي. والمعنى متقارب. ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ﴾ يعني بالسيف يوم بدر؛ قال ابن عباس. وقال الضحاك: يعني بالجوع حين قال النبي ﷺ صلى: "اللهم أشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف". فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أكلوا العظام والميتة والكلاب والجيف، وهلك الأموال والأولاد. ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ أي يضجون ويستغيثون. وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور. وقال الأعشى يصف بقرة:

فطافت ثلاثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا
قال الجوهري: الجؤار مثل الخوار؛ يقال: جأر الثور يجأر أي صاح. وقرأ بعضهم ﴿عِجْلاً جَسَداً لَهُ جُؤَارٌ﴾ حكاه الأخفش. وجأر الرجل إلى الله عز وجل تضرع بالدعاء. قتادة: يصرخون بالتوبة فلا تقبل منهم. قال:
يراوج من صلوات المليك فطورا سجودا وطورا جؤارا
وقال ابن جريج: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ﴾ هم الذين قتلوا ببدر ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ هم الذين بمكة؛ فجمع بين القولين المتقدمين، وهو حسن. ﴿لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا﴾ أي من عذابنا. ﴿لا تُنْصَرُونَ﴾ لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم. وقال الحسن: لا تنصرون بقبول التوبة. وقيل: معنى هذا النهي الإخبار؛ أي إنكم إن تضرعتم لم ينفعكم.
الآيتان: ٦٦ - ٦٧ ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ، مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon