﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ تنزيها له عن الولد والشريك. ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ تنزيه وتقديس. وقرأ نافا وأبو بكر وحمزة والكسائي ﴿عالم﴾ بالرفع على الاستئناف؛ أي هو عالم الغيب. الباقون بالجر على الصفة لله. وروى رويس عن يعقوب ﴿عالِم﴾ إذا وصل خفضا. و ﴿عالم﴾ إذا ابتدأ رفعا.
الآيتان: ٩٣ - ٩٤ ﴿قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ، رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
علمه ما يدعو به؛ أي قل رب، أي يا رب إن أريتني ما يوعدون من العذاب. ﴿فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ أي في نزول العذاب بهم، بل أخرجني منهم. وقيل: النداء معترض؛ و"ما" في "إمّا" زائدة. وقيل: إن أصل إما إن ما؛ فـ ﴿إن﴾ شرط و ﴿ما﴾ شرط، فجمع بين الشرطين توكيدا، والجواب ﴿فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ؛ أي إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني منهم. وكان عليه السلام يعلم أن الله تعالى لا يجعله في القوم الظالمين إذا نزل بهم العذاب، ومع هذا أمره الرب بهذا الدعاء والسؤال ليعظم أجره وليكون في كل الأوقات ذاكرا لربه تعالى.
الآية: ٩٥ ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾
نبه على أن خلاف المعلوم مقدور، وقد أراه الله تعالى ذلك فيهم بالجوع والسيف، ونجاه الله ومن آمن به من ذلك.
الآية: ٩٦ ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ أمر بالصفح ومكارم الأخلاق؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا. وما كان فيها من موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال. "نحن أعلم بما يصفون" أي من الشرك والتكذيب. وهذا يقتضي أنها آية موادعة، والله تعالى أعلم