أو مات بحضرة نبي إلا عذب من ساعة يموت إلى النفخة الأولى، ثم يمسك عنه العذاب فيكون كالماء حتى ينفخ الثانية. وقيل: استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي القبور ورأوه يسيرا بالنسبة إلى ما هم بصدده. ﴿فاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ أي سل الحساب الذين يعرفون ذلك فإنا قد نسيناه، أو فاسأل الملائكة الذين كانوا معنا في الدنيا؛ الأول قول قتادة، والثاني قول مجاهد، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ على الأمر. ويحتمل ثلاثة معان: أحدها: قولوا كم لبثتم؛ فأخرج الكلام مخرج الأمر للواحد والمراد الجماعة؛ إذ كان المعنى مفهوما. الثاني: أن يكون أمرا للملك ليسألهم يوم البعث عن قدر مكثهم في الدنيا. أو أراد قل أيها الكافر كم لبثتم، وهو الثالث. الباقون ﴿قَالَ كَمْ﴾ على الخبر؛ أي قال الله تعالى لهم، أو قالت الملائكة لهم كم لبثتم. وقرأ حمزة والكسائي أيضا ﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً﴾ الباقون ﴿قال﴾ على الخبر، على ما ذكر من التأويل الأول؛ أي ما لبثتم في الأرض إلا قليلا؛ وذلك أن مكثهم في القبور وإن طال كان متناهيا. وقيل: هو قليل بالنسبة إلى مكثهم في النار؛ لأنه لا نهاية له. ﴿لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ذلك.
الآية: ١١٥ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً﴾ أي مهملين كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها؛ مثل قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً﴾ [القيامة: ٣٦] يريد كالبهائم مهملا لغير فائدة. قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي: إن الله تعالى خلق الخلق عبيدا ليعبدوه، فيثيبهم على العبادة ويعاقبهم على تركها، فإن عبد وه فهم اليوم له عبيد أحرار كرام من رق الدنيا، ملوك في دار الإسلام؛ وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أباق سقاط لئام، وغدا أعداء في السجون بين أطباق النيران. و ﴿عَبَثاً﴾ نصب على الحال عند سيبويه وقطرب. وقال أبو عبيدة: هو نصب على المصدر أو لأنه مفعول له. "وأنكم إلينا لا ترجعون" فتجازون بأعمالكم. قرأ حمزة والكسائي ﴿تَرْجِعون﴾ بفتح التاء وكسر الجيم من الرجوع


الصفحة التالية
Icon