بما عمل من الخير، لكن مع انضمام شفاعة، كما جاء في أبي طالب. فأما غيره فقد أخبر التنزيل بقوله: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨]. وقال مخبرا عن الكافرين: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٠٠، ١٠١]. وقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ ذكر عنده عمه أبو طالب فقال:"لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه". من حديث العباس رضي الله عنه: "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". ﴿إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ أي كافرين.
الآية: ٥٤ ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ﴾
فيه ثلاث مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ﴾ ﴿أَنْ﴾ الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع. والمعنى: وما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم وقرأ الكوفيون ﴿أن يُقبل مِنهم﴾ بالياء، لأن النفقات والإنفاق واحد.
الثانية: ﴿وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى﴾ قال ابن عباس: إن كان في جماعة صلى وإن انفرد لم يصل، وهو الذي لا يرجو على الصلاة ثوابا ولا يخشى في تركها عقابا. فالنفاق يورث الكسل في العبادة لا محالة. وقد تقدم في "النساء" القول في هذا كله. وقد ذكرنا هناك حديث العلاء موعبا. والحمد لله.
الثالثة: ﴿وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ لأنهم يعدونها مغرما ومنعها مغنما وإذا كان الأمر كذلك فهي غير متقبلة ولا مثاب عليها حسب ما تقدم.


الصفحة التالية
Icon