صفحة رقم ٦٢
الثاني : أن المنادي الذي كال حين فقد السقاية ظن أنهم سرقوها ولم يعلم بما فعله يوسف، فلم يكن عاصياً.
الثالث : أن النداء كان بأمر يوسف، وعنى بذلك سرقتهم ليوسف من أبيه، وذلك صدق.
الرابع : أنها كانت خطيئة من قبل يوسف فعاقبه الله عليها بأن قال القوم ) إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل ( يعنون يوسف. وذهب بعض من يقول بغوامض المعاني إلى أن معنى قوله ) إنكم لسارقون ( أي لعاقون لأبيكم في أمر أخيكم حيث أخذتموه منه وخنتموه فيه.
قوله عز وجل :) قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون ( لأنهم استنكروا ما قذفوا به مع ثقتهم بأنفسهم فاستفهموا استفهام المبهوت.
) قالوا نفقد صواع الملك ( والصواع واحد وحكى غالب الليثي عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ صوغ الملك بالغين معجمة، مأخوذ من الصياغة لأنه مصوغ من فضة أو ذهب وقيل من نحاس.
) ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ( وهذه جعالة بذلت للواجد.
وفي حمل البعير وجهان :
أحدهما : حمل جمل، وهو قول الجمهور.
الثاني : حمل حمار، وهو لغة، قاله مجاهد.
واختلف في هذا البذل على قولين :
أحدهما : أن المنادي بذله عن نفسه لأنه قال ) وأنا به زعيم ( أي كفيل ضامن.
فإن قيل : فكيف ضمن حمل بعير وهو مجهول، وضمان المجهول لا يصح ؟ قيل عنه جوابان :
أحدهما : أن حمل البعير قد كان عندهم معلوماً كالسوق فصح ضمانه.