صفحة رقم ٧١
فإن قيل : فكيف صبر يوسف عن أبيه بعد أن صار ملكاً متمكناً بمصر، وأبوه بحرّان من أرض الجزيرة ؟ وهلاّ عجّل استدعاءه ولم يتعلل بشيء بعد شيء ؟
قيل يحتمل أربعة أوجه : أحدها : أن يكون فعل ذلك عن أمر الله تعالى، ابتلاء له لمصلحة علمها فيه لأنه نبيّ مأمور.
الثاني : أنه بلي بالسجن، فأحب بعد فراقه أن يبلو نفسه بالصبر.
الثالث : أن في مفاجأة السرور خطراً وأحب أن يروض نفسه بالتدريج.
الرابع : لئلا يتصور الملك الأكبر فاقة أهله بتعجيل استدعائهم حين ملك.
قوله عز وجل :) قال إنما أشكو بَثِّي وحزني إلى الله ( في بثي وجهان :
أحدهما : همّي، قاله ابن عباس.
الثاني : حاجتي، حكاه ابن جرير. والبث تفريق الهم بإظهار ما في النفس. وإنما شكا ما في نفسه فجعله بثاً وهو مبثوث.
) وأعلم من الله ما لا تعلمون ( فيه تأويلان :
أحدهما : أعلم أن رؤيا يوسف صادقة، وأني ساجد له، قاله ابن عباس.
والثاني : أنه أحست نفسه حين أخبروه فدعا الملك وقال : لعله يوسف، وقال لا يكون في الأرض صدّيق إلا نبي، قاله السدّي.
وسبب قول يعقوب ) إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ( ما حكي أن رجلاً دخل عليه فقال : ما بلغ بك ما أرى ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان. فأوحى الله إليه : يا يعقوب تشكوني ؟ فقال : خطيئة أخطأتها فاغفرها لي. وكان بعد ذلك يقول ) إنما أشكو بثي وحزني إلى الله (. ( يوسف :( ٨٧ - ٨٨ ) يا بني اذهبوا.....
" يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا