" صفحة رقم ١٧٩ "
أبني حنيفة احْكِموا سفهاءكم
إني أخاف عليكم أن أغضبا
ويقال للحديدة المعترضة في فم الدابة : حكمة ؛ لأنها تمنع الدآبة من الأعوجاج، والحكمة تمنع من الباطل، ومالا يجمل فلا يحلّ في المحكم من الأمر بمنعه من الخلل، وفي هذه الآية دليل على جواز تكليف ما لا يُطاق حيث أمر الله تعالى الملائكة بإنباء مالم يعلموا، وهو عالم بعجزهم عنه.
البقرة :( ٣٣ ) قال يا آدم.....
فلما ظهر عجزهم، قال الله تعالى :) يا آدم أنبئهم بأسمائهم ( فسمّى كل شيء باسمه، وألحق كل شيء بجنسه.
) فلما أنبأهم ( أخبرهم. ) بأسمائهم قال ألم أقل لكم ( يا ملائكتي. ) أنّي أعلمُ غيب السماوات والأرض ( ما كن فيها وما يكون. ) وأعلم ما تبدون ( من الخضوع والطاعة لآدم. ) وما كنتم تكتمون ( تخفون في أنفسكم من العداوة له. وقيل : ما تبدون من الإقرار بالعجز والاعتذار، وما كنتم تكتمون من الكراهية في استخلاف آدم.
قال ابن عباس : هو أنّ إبليس مرّ على جسد آدم وهو ملقىً بين مكة والطائف لا روح فيه، فقال : لأمر ما خلق هذا، ثمَّ دخل من فيه وخرج من دبره، وقال : إنّه لا يتماسك إلاّ بالجوف، ثمَّ قال للملائكة الذين معه : أرأيتم أن فضّل هذا عليكم، وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون ؟ قالوا : نطيع أمر ربّنا. فقال ابليس في نفسه : والله لئن سُلطت عليه لأهلكته، ولئن سُلّط عليّ لأعصينّه. فقال الله تعالى :) وأعلم ما تبدون ( يعني الملائكة من الطاعة ) وما تكتمون ( يعني إبليس من المعصية.
قال الحسن وقتادة :) ما تبدون ( يعني قولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ) وما تكتمون ( يعني قولهم لن يخلق خلقاً أفضل ولا أعلم ولا أكرم عليه منّا.
القول في حدّ الاسم وأقسامه
فقال أصحابنا : الاسم : كل لفظة دلت على معنى ما وشيء ما، وهو مشتق من السِّمة، وهي العلامة التي يُعرف بها الشيء، وأقسامه ثمانية منها : اسم علم مثل زيد، وعمرو، وفاطمة، وعائشة، ودار، وفرس.
ومنها : اسم لازم كقولك : رجل، وامرأة، وشمس، وقمر، وحجر، ومدر ونحوها ؛ سُمّي لازماً لأنّه لا ينقلب ولا يُفارق، فلا يُقال للشمس قمر ولا للقمر حجر.
ومنها : اسم مفارق مثل : صغير، وكبير، وطفل، وكهل، وقليل، وكثير، وقيل له مفارق لأنّه كان ولم يكن له هذا الاسم ويزول عنه المعنى المسمّى به.
ومنها : اسم مشتق : ككاتب، وخياط، وصائغ، وصبّاغ ؛ فالاسم مشتق من فعله.


الصفحة التالية
Icon