" صفحة رقم ١٩٦ "
وعن إسحاق بن نجيح الملطي عن عطاء الخرساني عن وهب بن منبّه قال : قال داودج : إلهي كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصِلُ إلى شكرك إلاّ بنعمتك ؟ فأوحى الله تعالى إليه : ألست تعلم أنّ الذي بك من النعم منّي ؟ قال : بلى يا ربّ، قال : أرضى بذلك لك شكراً.
وقال وهب : وكذلك قال موسى : يا ربّ أنعمت عليّ بالنعم السوابغ وأمرتني بالشكر لك عليها، وإنما شكري لكل نعمة منك عليّ، فقال الله : يا موسى تعلّمت العلم الذي لا يفوته علم، حسبي من عبدي أن يعلم أن ما به من نعمة فهو منّي ومن عندي.
قال الجنيد : حقيقة الشكر : العجز عن الشكر.
وروى ذلك عن داودج إنّه قال : سبحان من جعل اعتراف العبد بالعجز عن شكره شكراً، كما جعل اعترافه بالعجز عن معرفته معرفة.
وقال بعضهم : الشكر أن لا يرى النعمة البتة بل يرى المنعم.
أبو عثمان الخيري : صدق الشكر : لا تمدح بلسانك غير المنعم.
أبو عبد الرحمن السلمي عن أبي بكر الرازي عن الشبلي : الشكر : التواضع تحت رؤية المنّة.
وقيل : الشكر خمسة أشياء : مجانبة السيئات، والمحافظة على الحسنات، ومخالفة الشهوات، وبذل الطاعات، ومراقبة ربّ السموات.
قال الثعلبي : سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سُئل أبو الحسن علي بن عبد الرحيم القناد في الجامع بحضرة أبي بكر بن عدوس وأنا حاضر : من أشكر الشاكرين ؟ قال : الطاهر من الذنوب، يعدُّ نفسه من المذنبين، والمجتهد في النوافل بعداد الفرائض، يعدُّ نفسه من المقصّرين، والراضي بالقليل من الدُّنيا، يعدُ نفسهُ من المفلسين، فهذا أشكر الشاكرين.
بكر بن عبد الرحمن عن ذي النّور : الشكر لمن فوقك بالطاعة، ولنظيرك بالمكافأة، ولمن دونك بالإحسان والإفضال.
البقرة :( ٥٣ ) وإذ آتينا موسى.....
) وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان (
قال مجاهد والفراء : هما شيء واحد، والعرب تكرر الشيء إذا اختلفت ألفاظه على التوهم، وأنشد الفراء :
وقدّمت الأديم لراهشيه
وألفى قولها كذباً وميْنَا


الصفحة التالية
Icon