" صفحة رقم ٢٠٤ "
بعضهم إلى سوأة بعض وكان موسى يغتسل وحده فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلاّ إنه آدر قال : فذهب مرّة يغتسل فوضع موسى ثوبه على حجر ففرّ الحجر بثوبه قال : فجمع موسى في أثره يقول ثوبي يا حجر ثوبي يا حجر حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى فقالوا والله ما بموسى من بأس قال فقام الحجر بعد ما نظر إليه وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضرباً ).
فقال أبو هريرة : وقد رأينا بالحجر ندباً ستة أو سبعة أثر ضرب موسى.
وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني : كانت ضربة موسى اثني عشرة ضربة، وظهر على موضع كل ضربة مثل ثدي المرأة، ثم انفجر بالأنهار المطرّدة وهو قوله :) فانفجرت (.
وفي الآية اضمار واختصار تقديرها : ضرب فانفجرت أي سالت، وأصل الانفجار : الانشقاق والانتشار، ومنه فجر النهار.
) منه اثنتا عشرة عينا ( قرأ العامة بسكون الشيّن على التخفيف، وقرأ العباس بن الفضل الأنصاري بفتح الشين على الأصل، وقرأ أبو (..... ) بكسر الشين.
) قد علم كلّ أُناس مشربهم ( موضع شربهم ويكون بمعنى المصدر مثل المدخل، المخرج.
) كلوا واشربوا ( أي قلنا لهم : كلوا من المنّ، واشربوا من الماء ؛ فهذا كلّه من رزق الله الذي بلا مشقة ولا مؤنة ولا تبعة.
) ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( : يُقال : عثى يعثي عثياً، وعثا يعثو عثواً، وعاث يعث عيثاً وعيوثاً ( بثلاث لغات ) وهو شدة الفساد.
قال ابن الرّقاع :
لولا الحياء وأنّ رأسي قد عثا
فيه المشيب لزرتُ أمّ القاسم
البقرة :( ٦١ ) وإذ قلتم يا.....
) وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ( الآية، وذلك أنهم ملّوا المنّ والسلوى وسئموها. قال الحسن : كانوا نتانى أهل كراث وأبصال وأعداس فنزعوا إلى عكرهم عكر السوء، واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عاداتهم عليه، فقالوا : لن نصبر على طعام واحد وكفّوا عن المنّ والسلوى، وإنما قالوا ( واحد ) وهما اثنان ؛ لأن العرب تعبّر عن اثنين بلفظ