[ إن الله يجزي المتصدقين ] أي يثيب المحسنين أحسن الجزاء.. ولما بلغ بهم الأمر إلى هذا الحد من الاسترحام والضيق والانكسار أدركته الرأفة فباح لهم بما كان يكتمه من أمره
[ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ] ؟ أي هل تذكرون ما فعلتم بيوسف وأخيه، حال شبابكم وطيشكم ؟ والغرض تعظيم الواقعة كأنه يقول : ما أعظم ما ارتكبتم في يوسف ؟ وما أقبح ما أقدمتم عليه ! قال أبو السعود : وإنما قاله نصحاً لهم، وتحريضاً على التوبة، وشفقة عليهم
[ قالوا أئنك لأنت يوسف ] أي قال إخوته متعجبين مستغربين : أأنت يوسف حقاً ؟
[ قال أنا يوسف وهذا أخي ] أي قال : نعم أنا يوسف وهذا أخى الشقيق
[ قد من الله علينا ] أي من علينا بالخلاص من البلاء، والاجتماع بعد الفرقة، والعزة بعد الذلة
[ إنه من يتق ويصبر ] أي إنه من يتق الله فيراقبه ويصبر على البلايا والمحن
[ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ] أي لا يبطل أجرهم ولا يضيع إحسانهم بل يجزيهم عليه أوفى الجزاء قال البيضاوي : ووضع المحسنين موضع الضمير للتنبيه على أن المحسن من جمع بين التقوى والصبر
[ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ] اعتراف بالخطيئة وإقرار بالذنب، أي والله لقد فضلك الله علينا بالتقوى والصبر، والعلم والحلم
[ وإن كنا لخاطئين ] أي وحالنا وشأننا أننا كنا مذنبين بصنيعنا الذي صنعنا بك، ولذلك أعزك الله وأذلنا، وأكرمك وأهاننا
[ قال لا تثريب عليكم اليوم ] أي قال لهم يوسف : لا عتب عليكم اليوم ولا عقوبة بل أصفح وأعفو
[ يغفر الله لكم ] دعاء لهم بالمغفرة وهذا زيادة تكريم منه لما فرط منهم
[ وهو أرحم الراحمين ] أي هو جل وعلا المتفضل على التائب بالمغفرة والرحمة، أرحم بعباده من كل أحد
[ اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي ] قال الطبري : ذُكر أن يوسف لما عرف نفسه إخوته سألهم عن أبيهم فقالوا : ذهب بصره من الحزن فعند ذلك أعطاهم قميصه، وأراد يوسف تبشير أبيه بحياته، وإدخال السرور عليه بذلك
[ يأت بصيراً ] أي يرجع اليه بصره
[ وأتوني بأهلكم أجمعين ] أي وجيئوني بجميع الأهل والذرية من أولاد يعقوب.
البلاغة :
١ - [ ولما جهزهم بجهازهم ] فيه جناس الاشتقاق وكذلك في [ أذن مؤذن ].
٢ - [ فأسرها.. ولم يبدها ] بينهما طباق.
٣ - [ شيخاً كبيراً ] فيه إطناب للاستعطاف.
٤ - [ واسأل القرية ] مجاز مرسل علاقته المحلية أي اسأل أهل القرية.
٥ - [ يا أسفى على يوسف ] بين لفظتي الأسف ويوسف جناس الاشتفاق.
٦ - [ تالله تفتأ ] إيجاز بالحذف أي والله ما تفتأ أي لا تزال تذكر يوسف.
٧ - [ ولا تيأسوا من روح الله ] فيه استعارة استعير الروح وهو تنسيم الريح التي يلذ شميمها ويطيب نسيمها، للفَرَج الذي يأتي بعد الكربة، واليسر الذي يأتي بعد الشدة، فاستعار الروح للفرج بعد الكرب.
لطيفة :
ذكر القاضي عياض في كتابه " الشفا " أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ هذه الآية [ فلما استيأسوا منه خَلصوا نجياَ ] فقال : أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام.. وذلك أن الآية ذكرت صفة اعتزالهم لجميع الناس، وانفرادهم من غيرهم، وتقليبهم الآراء ظهراً لبطن، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث، فتضمنت تلك ا لآية القصيرة، معاني القصة الطويلة.
قال الله تعالى :[ ولما فصلت العير قال أبوهم.. ] إلى قوله [ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ]. من آية ( ٩٤ ) إلى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :


الصفحة التالية
Icon