وَ لكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا) لكن حرف استدراك مهمل وليقضي اللام للتعليل وهي مع مجرورها المؤول متعلقان بمحذوف أي جمعكم بغير ميعاد واللّه فاعل وأمرا مفعول به، وجملة كان مفعولا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٨
صفة لأمرا وكان واسمها المستتر وخبرها. (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) يجوز تعليق ليهلك بما تعلق به ليقضي أي فهو بدل منه، ويجوز أن يتعلق بمفعولا، ويهلك فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل ومن اسم موصول فاعل وجملة هلك صلة وعن بينة حال.
(وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) عطف على الجملة السابقة، وحي أصلها حيي أدغمت الياء بالياء. (وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) الواو استئنافية وان واسمها واللام المزحلقة وسميع خبر أول لإن وعليم خبر ثان.
البلاغة :
في قوله :« إذ أنتم بالعدوة الدنيا » الى قوله :« و يحيا من حي عن بينة » فن الاستدراك فإن الحق سبحانه أخبر عن الأمر الواقع بخبر أخرجته الفصاحة مجرى المثل، وذلك أن الرسول صلّى اللّه عليه وسلم لما أخبرته عيونه بقفول ركب قريش من الشام الى مكة على الجادة المعروفة التي لا بد لسالكها من ورود « بدر »، أمر أصحابه بالخروج وخرج معهم يريد العير، وكان وعد اللّه قد تقدم له بإحدى الطائفتين، إما العير وإما النفير، وبلغ أبا سفيان، وهو على الركب، خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأمر الركب أن يأخذ على سيف البحر، ومضى أبو سفيان على وجهه لمكة، فاستنفر قريشا، فخرجوا الى بدر ليشغلوا وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن تتبّع العير، فصادفوه ببدر، وهو يظن أن الركب يمر على بدر، فوقعت اللقيا من غير ميعاد، فأخبر اللّه سبحانه بموضع المسلمين من بدر وموضع المشركين منه بقوله :
« إذ أنتم بالعدوة الدنيا » أي القريبة، « و هم بالعدوة القصوى » :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٩