و كون الظلال يراد بها الأشخاص كما قال بعضهم ضعيف وأضعف منه قول ابن الأنباري : انه تعالى جعل للظلال عقولا تسجد بها وتخشع بها كما جعل للجبال أفهاما حتى خاطبت وخوطبت لأن الجبل لا يمكن أن يكون له عقل بشرط تقدير الحياة وأما الظل فعرض لا يتصور قيام الحياة به ».
٢- التهكم والفرق بينه وبين الهزل الذي يراد به الجد أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل لمجيئه على سبيل الاستهزاء والسخرية هذا على
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١١١
ما تعارفناه بيننا والهزل الذي يراد به الجد ظاهره هزل وباطنه جد وفي قوله تعالى « خلقوا كخلقه » في سياق الإنكار تهكم بهم لأن غير اللّه لا يخلق خلقا البتة لا بطريق المشابهة والمساواة ولا بطريق الانحطاط والقصور فقد كان يكفي في الإنكار عليهم أن الشركاء التي اتخذوها لا تخلق مطلقا ولكن جاء قوله تعالى كخلقه تهكما يزيد الإنكار تأكيدا وقد أسلفنا القول في التهكم وأوردنا أبياتا لابن الرومي وغيره فيه ونرى من المفيد أن نتحدث قليلا عن نقيضه وهو الهزل المراد به الجد وهو من يقصد المتكلم مدح شي ء أو ذمه فيخرج ذلك المقصود مخرج الهزل المعجب والمجون المطرب وخير مثال عليه قول أبي نصر بن أبي الفتح كشاجم :
صديق لنا من أبدع الناس في البخل وأفضلهم فيه وليس بذي فضل
دعاني كما يدعو الصديق صديقه فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي
فلما جلسنا للطعام رأيته يرى أنه من بعض أعضائه كلّيّ
و يغتاظ أحيانا ويشتم عبده وأعلم أن الشتم والغيظ من أجلي
فأقبلت أستل الغذاء مخافة وألحاظ عينيه رقيب على فعلي
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١١٢
أمدّ يدي سرا لأسرق لقمة فيلحظني شزرا فأعبث با
لبقل إلى أن جنت كفي لحتفي جناية وذلك أن الجوع أعدمني
عقلي فجرت يدي للحين رجل دجاجة فجرت كما جرت يدي رجلها
رجلي وقدم من بعد الطعام حلاوة فلم أستطع منها أمر ولا


الصفحة التالية
Icon