٤- نفي الشي ء بايجابه أو عكس الظاهر وقد تقدم بحث هذا الفن وهو من متطرفات علم البيان وهو في قوله تعالى « أم تنبئونه بما لا يعلم » وحقيقة هذا النفي أنهم ليسوا بشركاء وان اللّه لا يعلمهم كذلك لأنهم- في الواقع- ليسوا كذلك وإن كانت لهم ذوات ثابتة يعلمها اللّه إلا أنها مربوبة حادثة لا آلهة. معبودة ولكن مجي ء النفي على هذه السنن المتلو بديع لا تكاد تكتنه بلاغته وعبارته ومن طريفه قول علي بن أبي طالب في وصف مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « لا تثنى فلتاته » أي لا تذاع سقطاته فظاهر هذا اللفظ انه كان ثم فلتات غير أنها لا تذاع وليس المراد ذلك بل المراد أنه لم يكن ثم فلتات فتثنى.
٥- الاستدارج بقوله « أم بظاهر من القول » ليحثهم على التفكير دون القول المجرد من الفكر كقوله في مكان آخر :« ذلك قولهم بأفواههم » ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها » وهذا الاحتجاج من أعجب الأساليب وأقواها.
٦- التدرج في كل من الإضرابات بأم المنقطعة وب « بل » على أنطف وجه.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٣٠
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٥ الى ٣٧]
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧)
الإعراب :