١- في قوله تعالى « أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها واللّه يحكم لا معقب في حكمه » التفات بليغ، وقد سبق ذكر الالتفات مشفوعا بالأمثلة والشواهد ونزيده هنا بسطا بصدد ما يتعلق بالآية فتقول : الرجوع عن خطاب النفس الى الغيبة في الآية وبناء الحكم على الاسم الجليل ينطوي على أعظم الأسرار وأبهرها فإنه لما أبرز الكلام لهم في معرض المناصحة المشوبة بالتحذير كان لا بد أن يتوجه إليهم بالخطاب ليريهم مكان القوة والعظمة لديه، عاد الى تصوير الفخامة والمهابة، وتحقيق مضمون الخبر بالاشارة الى العلة التي هي السبب في إتيان الأرض وانتقاص أطرافها وإدالة الأمر من قوم لقوم، ونقل السيطرة من الظالمين بالأمس الى المظلومين ومن الغالبين بالأمس الى المغلوبين وهذه الفخمية لا تتأتى إلا بإيراد الكلام في معرض الغيبة فقال ملتفتا واللّه يحكم في خلقه بما يشاء لا راد لحكمه ثم أردف ذلك بقوله لا معقب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٣٧
لحكمه ولا مبطل لمشيئته وثلث بقوله وهو سريع الحساب فكل شي ء محسوب لديه وعما قليل يحاسبهم في الآخرة بعد عذاب الدنيا وستأتي شواهد بديعة من هذا الفن الرفيع.
٢- الاستخدام :
و في قوله « لكل أجل كتاب يمحو اللّه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب » فن رفيع من فنون البلاغة أطلق عليه علماء هذا الفن اسم :


الصفحة التالية
Icon