٣- قال تعالى :« إذا قمتم الى الصلاة »، وفي الجنابة « و إن كنتم مرضى » لأن « إذا » تدخل على كائن أو منتظر لا محالة، « و إن » تدخل على أمر ربما كان وربما لا يكون. والقيام الى الصلاة ملازم والجنابة ليست بملازمة، فإنها قد توجد وقد لا توجد. ولهذا درج المفسرون على تفسير « إذا قمتم » أي : إذا أردتم القيام، من إقامة المسبب مقام السبب، والقيام متسبب عن الإرادة، والارادة سببه.
٤- من طريف الأبحاث اختلاف العلماء في دخول المرفق في الغسل، فقال قوم : إن المرفق داخل في مسمى اليد، لأن اليد من رأس الأنامل الى الإبط. وهذا ينتقض بقولك : نمت البارحة الى نصفها، ولا يجوز أن يقال : إنه نام البارحة كلها. وقال الجمهور بغسل المرفقين مع اليدين، وقال مالك وزفر لا يجب غسل المرفقين. وهذا الخلاف أيضا في الكعبين، حجة زفر أن « إلى » لانتهاء الغاية، والمنتهى غير النهاية، فلا يتعين غسل النهاية. والجواب من وجهين :
آ- الأول مذهب الزجاج : قال : سلمنا أن المرفق لا يجب غسله، لكن المرفق اسم لما جاوز طرف العظم، فإنه هو المكان الذي يرتفق به، أي يتكأ عليه. ولا نزاع في أن ما وراء أطراف العظم لا يجب غسله.
ب- الثاني : أن حد الشي ء قد يكون منفصلا عن المحدود،
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٢٣
كقوله تعالى :« ثم أتموا الصيام الى الليل » فإن النهار منفصل عن الليل في الحسّ، وقد لا يكون منفصلا، كقولك : بعتك هذا الثوب من هنا الى هنا. فهذا الحد غير منفصل، ولا شك في أن امتياز المرفق عن الساعد ليس منفصلا معينا، وإذا كان كذلك فليس إيجاب الغسل الى حيز أولى من إيجابه الى حيز آخر، فوجب القول بغسل كل المرفق.
و قال بعضهم : النهاية غير المتناهي، وغسل المرافق لم يفهم من الآية الكريمة، وإنما فهم من فعله صلى اللّه عليه وسلم. فعلى هذا لو قلت :
بعتك من هذه الشجرة الى هذه الشجرة، لم تدخل الغاية هاهنا.