وقرأ ابن عباس ومجاهد : وخلق الإنسان مبنياً للفاعل مسنداً إلى ضمير اسم الله، وانتصاب ضعيفاً على الحال. وقيل : انتصب على التمييز. لأنه يجوز أن يقدر بمن، وهذا ليس بشيء. وقيل : انتصب على إسقاط حرف الجر، والتقدير : من شيء ضعيف، أي من طين، أو من نطفة وعلقة ومضغة. ولما حذف الموصوف والجابر انتصبت الصفة بالفعل نفسه. قال ابن عطية : ويصح أن يكون خلق بمعنى جعل، فيكسبها ذلك قوّة التعدي إلى مفعولين، فيكون قوله : ضعيفاً مفعولاً ثانياً انتهى. وهذا هو الذي ذكره من أنّ خلق يتعدى إلى اثنين بجعلها بمعنى جعل، لا أعلم أحداً من النحويين ذهب إلى ذلك، بل الذي ذكر الناس أنّ من أقسام جعل أن يكونن بمعنى خلق، فيتعدّى إلى مفعول واحد، كقوله تعالى :﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَـاتِ وَالنُّورَ﴾ أما العكس فلم يذهب إلى ذلك أحد فيما علمناه، والمتأخرون الذين تتبعوا هذه الأفعال لم يذكروا ذلك. وقد تضمنت هذه الآيات أنواعاً من البيان والبديع. منها : التجوّز بإطلاق اسم الكل على البعض في قوله : يأتين الفاحشة، لأن أل تستغرق كل فاحشة وليس المراد بل بعضها، وإنما أطلق على البعض اسم الكل تعظيماً لقبحه وفحشه، فإن كان العرف في الفاحشة الزنا، فليس من هذا الباب إذ تكون الألف واللام للعهد. والتجوّز بالمراد من المطلق بعض مدلوله في قوله : فآذوهما إذ فسر بالتعيير أو الضرب بالنعال، أو الجمع بينهما، وبقوله : سبيلاً والمراد الحد، أو رجم المحصن. وبقوله : فأعرضوا عنهما أي اتركوهما. وإسناد الفعل إلى غير فاعله في قوله : حتى يتوفاهنّ الموت، وفي قوله : حتى إذا حضر أحدهم الموت. والتجنيس المغاير في : إن تابا إن الله كان توّاباً، وفي : أرضعنكم ومن الرضاعة، وفي : محصنات فإذا أحصنّ. والتجنيس المماثل في : فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا، وفي : ولا تنكحوا
٢٢٨


الصفحة التالية
Icon