قال: فجعله: عليَّ واجب، لأنه في المعنى قد أوجب. (١)
* * *
وكان بعض نحويي الكوفة ينكر ذلك ويقول: لا يجوز أن يكون"الأوليان" بدلا من:"آخران"، من أجل أنه قد نَسَق"فيقسمان" على"يقومان" في قوله (٢) "فآخران يقومان"، فلم يتمّ الخبر بعد"مِنْ". (٣) قال: ولا يجوز الإبدال قبل إتمام الخبر. (٤) وقال: غير جائز:"مررت برجل قام زيدٍ وقَعَد"، و"زيد" بدل من"رجل".
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال:"الأوليان" مرفوعان بما لم يسمَّ فاعله، وهو قوله:(اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ) وأنهما وُضِعا موضع الخبر عنهما، (٥) فعمل فيهما ما كان عاملا في الخبر عنهما. وذلك أن معنى الكلام:"فآخران يقومان مَقامهما من الذين استُحِقَّ عليهم الإثم بالخيانة"، فوضع"الأوليان" موضع"الإثم" كما قال تعالى ذكره في موضع آخر: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة التوبة: ١٩]، ومعناه: أجعلتم سقاية الحاجِّ وعمارةَ المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر
(٢) "نسق"، أي: عطف.
(٣) في المطبوعة: "فلم يتم الخبر عند من قال..."، غير ما في المخطوطة، وهذا خطأ محض. الصواب ما في المخطوطة، يريد: بعد"من الذين استحق عليهم الأوليان".
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "قال" بغير واو، والصواب إثباتها كما يدل عليه السياق.
ثم كتب في المطبوعة بعد ذلك"كما قال: غير جائز..."، بزيادة"كما"، وهي في المخطوطة، مكتوبة متصلة بالراء، فآثرت قراءتها"وقال"، لأنه حق السياق.
(٥) في المطبوعة: "وأنهما موضع الخبر" أسقط"وضعا"، وهي ثابتة في المخطوطة.