لركبتيه تُرْعَد فرائصُه! قال: فحسبته يقول: نَفْسي نفسي! ويضربُ الصِّراط على جهنم كحدِّ السيف، (١) دحْضِ مَزِلَّةٍ، (٢) وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السَّعْدان. قال: فيمضون كالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الركاب، وكأجاويد الرجال، (٣) والملائكة يقولون: "ربّ سلِّمْ سلِّم"، فناجٍ سالمٌ ومخدوش ناجٍ، ومكدوسٌ في النار، (٤) يقول إبراهيم لأبيه: إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني، ولست تاركك اليوم، فخُذْ بحقْوي! (٥) فيأخذ بِضَبْعَيْه، (٦) فيمسخ ضَبُعًا، فإذا رأه قد مُسِخَ تبرَّأ منه. (٧)
* * *

(١) في المطبوعة :" فيضرب الصراط على جسر جهنم "، زاد " جسر "، وليست في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة :" وحضر من له "، وهو كلام خلو من كل معنى. وفي المخطوطة " دحصر مزله "، غير منقوطة، وعلى الصاد مثل الألف ( أ )، ومثلها على هاء " مزله "، وهو شك من الكاتب، ولو قرأها قارئ :" وخطر مزلة " لكان له شبه معنى، ولكن واو العطف فساد في الكلام. والصواب ما قرأته إن شاء الله، ويؤيده ما جاء في حديث أبي ذر :" إن خليلي ﷺ قال : إن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ". و " الدحض " ( بفتح الدال وسكون الحاء ) الزلق. و " المزلة " ( بفتح الزاي أو كسرها ) الموضع الذي تزل فيه الأقدام. ويقال :" مزلة مدحاض ".
ثم وجدت صواب ما قرأت في المستدرك للحاكم ٤ : ٥٨٣، كما سترى بعد.
(٣) وقوله :" وكأجاويد الركاب، وكأجاويد الرجال "، " الأجاويد " جمع " أجواد "، وهي جمع " جواد "، وهو الفرس السابق الجيد، ثم يقال :" فرس جواد الشد "، إذا كان يجود بحضره وجريه جودا متتابعا، لا يكل. و " الركاب " : الإبل التي يسار عليها، واحدتها " راحلة "، ولا واحد لها من لفظها. وأما " الرجال "، فظني أنه جمع " رجيل "، و " الرجيل " من الخيل، الموطوء الركوب الذي لا يعرق. أو يكون جمع " رجل "، يعني الرجال العدائين، لأنه أتى في مجمع الزوائد :" كجري الفرس، ثم كسعي الرجل ".
بيد أن رواية اللسان في مادة (جود) قال :" وفي حديث الصراط : ومنهم من يمر كأجاويد الخيل "، ورواية الحاكم في المستدرك :" وكأجاويد الخيل والمراكب ".
(٤) " مكدوس "، مدفوع فيها، من " الكدس "، وهو الصرع والإلقاء، " كدس به الأرض "، صرعه، وألصقه بها. و " كدسه " : طرده من ورائه وساقه. وهذه التي هنا هي إحدى الروايتين. والرواية الأخرى " مكردس ". و " المكردس " الذي جمعت يداه ورجلاه وأوثق، ثم ألقي على الأرض، كما يفعل بالأسير. وهذه رواية الحاكم في المستدرك.
(٥) " الحقو " ( بفتح الحاء وكسرها وسكون القاف ) : مشد الإزار من الجنب
(٦) " الضبع " ( بفتح فسكون ) : من الإنسان وغيره، وسط العضد بلحمه.
(٧) الأثر : ١٧٣٦٠ - حديث الصراط، رواه الحاكم في المستدرك ٤ : ٥٨٢ - ٥٨٤ من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن المسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، مطولا، وقال :" حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة "، وليس فيه ذكر أبينا إبراهيم عليه السلام.
ومن حديث الصراط ما خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ : ٣٥٨، ٣٥٩، من حديث عائشة، "ورواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد وثق. وبقية رجاله رجال الصحيح ". وفي هذا الخبر ذكر ما أشرت إليه في التعليق ص : ٥٢٢، " من قوله :" كأجاويد الخيل والركاب " وخرجه الهيثمي أيضا ( ١٠ : ٣٥٩، ٣٦٠ )، عن عبد الله بن مسعود، خبرًا فيه " كجري الفرس، ثم كسعي الرجل " كما أشرت إليه في التعليق رقم : ٢، ص : ٥٢٢.


الصفحة التالية
Icon